تصريحات رئيس وزراء الاحتلال الإسرائيلي بنيامين نتنياهو الأخيرة حول “تغيير الشرق الأوسط” وتأكيده أن هضبة الجولان ستبقى جزءًا لا يتجزأ من كيانه الاستعماري تعكس رؤية قائمة على التوسع وفرض الهيمنة، مستغلة حالة الفوضى والضعف التي تعصف بالمنطقة.
قراءة في التصعيد الإسرائيلي
إعلان نتنياهو سيطرة جيشه على قمة جبل الشيخ السورية والمنطقة العازلة في الجولان ليس مجرد تصريح عابر، بل هو جزء من مشروع استراتيجي يعكس أطماعه التوسعية. زعمه بأن هذه السيطرة تحمي أمن كيانه، وسط انهيار النظام السوري وسقوط نظام بشار الأسد، يكشف عن نوايا استغلال حالة الانقسام في سوريا لتعزيز الاحتلال على الجولان السوري المحتل منذ عام 1967.
“اغتيالات استراتيجية” أم حروب عبثية؟
حديث نتنياهو عن “اغتيال زعيم حزب الله حسن نصر الله وقتل قائد حماس يحيى السنوار” كإنجازات محورية يُظهر الرغبة الإسرائيلية في تصدير صورة انتصار مزعوم، رغم التكلفة الإنسانية الباهظة التي يدفعها الشعب الفلسطيني واللبناني.
لكن هذه الاغتيالات، التي يراها الاحتلال “نقاط تحول”، ليست إلا أدوات لتعميق الصراع. فهي تؤدي إلى مزيد من التصعيد وتعقيد الأوضاع الإقليمية، مما يجعل “الانتصارات” المزعومة جزءًا من معادلة غير مستقرة تهدد مستقبل المنطقة.
غزة: الكارثة الإنسانية الأكبر
وفي سياق مرتبط، فإن مواصلة العدوان الإسرائيلي على قطاع غزة منذ السابع من أكتوبر/تشرين الأول 2023، يشير إلى أن الاحتلال يحاول خلق واقع جديد عبر الإبادة الجماعية والحصار الممنهج.
ما يزيد عن 44 ألف شهيد وأكثر من 105 آلاف جريح، معظمهم من الأطفال والنساء، يجعل الحديث عن الأمن الإسرائيلي ذريعة واهية لتبرير المجازر.
العدوان ليس فقط عسكريًا، بل اقتصادي وإنساني. تدمير البنية التحتية في غزة وحرمان السكان من الماء والغذاء والدواء يعكس سياسات انتقامية تهدف إلى كسر إرادة الفلسطينيين. ورغم ذلك، يبقى صمود الشعب الفلسطيني عنوانًا رئيسيًا لهذه المرحلة.
مشاريع إسرائيل في الجولان: توسع أم استنزاف؟
ما يسميه نتنياهو “إنجازًا استراتيجيًا” في الجولان لا يخلو من التحديات. الحديث عن “منطقة أمنية خالية من الأسلحة الاستراتيجية” في جنوب سوريا ليس إلا غطاءً لمشروع استيطاني جديد.
لكن هل ستنجح إسرائيل في فرض هذا الواقع؟ أم أن هذه الخطوات ستؤدي إلى استنزاف استراتيجي في ظل مقاومة مستمرة من الأطراف الإقليمية؟
تفكيك “محور الشر”: استراتيجية وهمية
إسرائيل تسوق خطابًا عن “تفكيك محور الشر” الذي يضم حماس وحزب الله وإيران، لكنها تتجاهل أن أفعالها هي التي توحد خصومها وتخلق ديناميكيات جديدة في الصراع.
الخلاصة:
تصريحات نتنياهو ليست إلا جزءًا من لعبة سياسية لفرض الهيمنة، لكنها تكشف أيضًا عن مأزق استراتيجي يعيشه الاحتلال. فالعدوان على غزة، والتوسع في الجولان، والاغتيالات، ليست سوى خطوات لتعميق الصراع.
لكن الحقيقة التي لا يمكن تجاهلها هي أن المقاومة الفلسطينية والعربية، وصمود الشعوب، يبقى حجر العثرة الأكبر أمام مشاريع الاحتلال، مهما حاول تسويق انتصارات وهمية.
عذراً التعليقات مغلقة