
تعريف قبيلة الترابين ونشأتها:
قبيلة الترابين هي واحدة من القبائل العربية التي خرجت من الحجاز متجهة إلى بلاد الشام، مدفوعة بأسباب متعددة مثل البحث عن الماء والمراعي الخصبة، شهدت الحجاز خلال فترة معينة موجة نزوح واسعة، حيث غادرت سبعون قبيلة في عام واحد نحو الشام ومصر، وقد كان أجداد قبيلة الترابين من بين هؤلاء، حيث استقروا بدايةً في سيناء، وانتشروا فيها حتى تضاعفت أعدادهم، ومن ثم توجهوا إلى ديرة السبع واستقروا فيها.
قسمت قبيلة الترابين نفسها إلى ثلاثة فروع رئيسية:
1. فرع بلاد التيه في سيناء: ويضم عشائر الحرره، والحسابلة، والشبينات.
2. فرع بلاد الطور: ويشمل عشيرة الصرايعة.
3. فرع البساتين حول القاهرة، وصحراء سيناء شرق العريش: وهم عشيرة النبعات.
النسب العريق لقبيلة الترابين:
يعود نسب قبيلة الترابين إلى عطية بن عوف بن سعد بن عمرو بن عباد بن يشكر بن بكر بن وائل بن قاصد بن هنب بن أفصى بن دعمي بن جديلة بن أسد بن ربيعة بن نزار بن معد بن عدنان، وعليه، فإن الترابين تنتمي إلى القبائل العدنانية ذات النسب العربي الأصيل.
عطية، الجد المؤسس لقبيلة الترابين، كان رجلًا متدينًا ومحدثًا، عُرف بأمانته في رواية الأحاديث النبوية، بعد أن غادر الحجاز، استقر مع جماعته في سيناء، وهي أرض تميزت بخصوبتها ووفرة ينابيعها، وقد أوصى عطية أتباعه بالانتساب إلى “تربة”، وهي منطقة تقع شرق الطائف في الحجاز، مما أدى لاحقًا إلى تطور المصطلح من “ترباني” إلى “ترابين”.
التوزيع الجغرافي لقبيلة الترابين:
تميزت قبيلة الترابين بانتشارها الواسع عبر مناطق مختلفة، حيث توزعوا بين:
• سيناء: حيث استقر الحسابلة، والنبعات، والصرايعة.
• بئر السبع: حيث استقر القصار والنجمات.
• مناطق أخرى في مصر: لا سيما منطقة البساتين في القاهرة.
عطية وأبناؤه الخمسة:
كان لعطية خمسة أبناء هم:
1. حسبل: جد عشيرة الحسابلة في سيناء.
2. مساعد: جد عشيرة القصار في بئر السبع وسيناء.
3. نبعة: جد عشيرة النبعات في سيناء.
4. صريع: جد عشيرة الصرايعة في بلاد الطور.
5. نجم: جد عشيرتي النجمات والغوالية في ديرة السبع.
تشير الدلائل إلى أن أبناء عطية وُلدوا في الحجاز قبل مغادرتهم، نظرًا للعدد الكبير لأفراد القبيلة عند انتقالهم إلى سيناء، مما مكّنهم من السيطرة على أراضٍ واسعة هناك.
قوة قبيلة الترابين ووحدتها:
تتميز قبيلة الترابين بأنها من القبائل العربية النادرة التي يجمع أفرادها نسب واحد يعود إلى الجد المؤسس، عطية.
هذا الارتباط القوي عبر رابطة الدم والنسب جعلها واحدة من أقوى القبائل في المنطقة، بعكس القبائل الأخرى التي غالبًا ما تشكلت عبر تحالفات عشائرية.
أثناء نزوحهم واستقرارهم، انضمت عشائر أخرى إلى قبيلة الترابين، سواء طلبًا للحماية أو بسبب النخوة والكرم والشجاعة التي عُرف بها الترابين، ومع ذلك، فإن هذه العشائر المتحالفة لم تكن ذات تأثير كبير على قرارات القبيلة، التي بقيت محتفظة بوحدتها وقوتها.
الانتساب للأرض والهوية القبلية:
على الرغم من انتساب قبيلة الترابين إلى منطقة “تربة” في الحجاز، إلا أن هذا الانتساب لم يُضعف عروبتهم أو ارتباطهم بقبيلتهم، بل إن الانتساب إلى الأرض يعكس حبهم ووفاءهم لموطنهم الأصلي، وقد حافظ البدو بشكل عام على هذا التقليد، حيث يظهر حبهم للأرض في أشعارهم وذكرياتهم عن الأماكن التي عاشوا فيها.
في العصر الحالي، أصبح الانتساب للأوطان والمدن أكثر شيوعًا، مثل الانتساب إلى بئر السبع (السبعاوي) أو العقبة (العقباوي)، دون أن يعني ذلك انقطاع الصلة بالعشيرة أو القبيلة.
قبيلة الترابين هي رمز للتراث العربي الأصيل، تحمل تاريخًا حافلًا يعكس عمق انتمائها لعروبتها وارتباطها بأرضها، بقوة وحدتها ووضوح نسبها، ظلت القبيلة قادرة على الحفاظ على هويتها وثقافتها عبر الزمن، مما يجعلها واحدة من أبرز القبائل العربية في سيناء ومحيطها.
هذه المقالة هي الأولى في قسم “حكايات العائلة” على موقع “الزريعي”، وتأتي ضمن سلسلة من المقالات التي ستُنشر لاحقًا، مستندة إلى مصادر موثوقة، بهدف إعادة كتابة تاريخ قبيلة الترابين وعشيرة الزريعي بطريقة جديدة.